فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



إذن فالله عز وجل يخاطب جميعَ خلقه، ويجيبُه جميعُ خلقه، فلا تقل: كيف خاطب المولى سبحانه الذر، والذَر لم يكن مكلفًا بعد؟ ولم يحاول العلماء أن يدخلوا في هذه المسألة؛ لأنها في ظاهرها بعيدة عن العقل، ويكفي أن ربنا الخالق القادر قد أبلغنا أنه قد خاطب الذرات قائلا: ألست بربكم؟. قالوا: بلىَ. ويبدو من هذا القول أن المسألة تمثيل للفطرة المودعة في النفس البشرية. وكأنه سبحانه قد أودع في النفس البشرية والذات الإنسانية فطرةً تؤكد له أنَّ وراءَ هذا الكونِ إلهًا خالقًا قادرا مدبرا.
وقديمًا قلنا: هب أنَّ طائرةً وقعت في صحراء، وحين أفقت من إغماءة الخوف؛ فكرّت في حالك وكيف أنك لا تجد طعامًا أو شرابًا أو أنيسًا، وأصابك غمٌّ من هذه الحالة فنمت، ثم استيقظت فوجدت مائدة عليها أطايب الطعام والشراب، ألا تتلفت لتسأل من الذي أقام لك هذه المأدبة قبل أن تمد يدك إلى أطايب الطعام؟. كذلك الإنسان الذي طرأ على هذا الكون الحكيم الصنع؛ البديع التكوين؛ ألا يجدرُ بهِ أن يسأل نفسه من خلق هذا الكون؟.
إننا نعلم أن المصباح الكهربي احتاج لصناعته إلى علماء وصناع مهرة كثيرين وإلى إمكانات لا حصر لها لينير هذا المصباح حجرة محدودة، وحين نرى الشمس تنير الكون كله، ولا يصيبها كللٌ أو تعبٌ ولا تحتاج منا إلى صيانة، ألا نسأل من صنعها؟ وخصوصًا أنَّ أحدًا لم يدَّع أنه قد صنعها، وقد أبلغنا المولى سبحانه وتعالى بأنه هو الذي خلق الأرض وخلق الشمس وخلق القمر، فإما أن يكون هذا الكلام صحيحًا؛ فنعبده، وإما لا يكون الكلام صحيحًا فنبحث عمن صنع وخلق الكون لنعبده.
وبما أن أحدًا لم يَدَّعِ لنفسه صناعة هذه الكائنات، فهي تسلم لصاحبها وأنه لا إله إلا الله. إذن فالفطرة تهدينا أن وراء هذا الكون العظيم قدرةً تناسب هذه العظمة؛ قدرة تناسب الدقة؛ هذه الدقة التي أخذنا منها موازين لوقتنا؛ فقد أخذنا من الأفلاك مقياسًا للزمن؛ ولولا حركة الأفلاك التي تنظم الليل والنهار؛ لما قسمنا اليوم إلى ساعات، ولولا أن حركة الأفلاك مصنوعة بدقة متناهية؛ لما استطعنا أن نَعُدَّها مقياسًا للزمن.
وحينما نستعرض قول الحق سبحانه وتعالى: {الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5].
نجد أن كلمة {بحسبان} وردت مرتين، فقد أبلغنا الحق سبحانه وتعالى: أنه جعل الشمس والقمر بحسبان، أو حسبانا، وهما من الآيات الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه ولم يخلقهما عبثا بل لحكمة عظيمة. {لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب...} [يونس: 5].
فقد أخذنا من دورة الشمس والقمر مقياسًا، ولم نكن لنفعل ذلك إلا أن كانت مخلوقة بحساب؛ لأن الكون مصنوع ومخلوق على هذه الدرجة من الدقة والإحكام لهذا يجب أن نلتفت إلى أن هناك قدرة وراء هذا العالم تناسب عظمته. لكن أنعرف ماذا تريد هذه القوة بالعقل؟ إن أقصى ما يهدينا العقل هو أن نعرف أنَّ هناك قوةً ولا يعرف العقل اسم هذه القوة، وكذلك لم يعرف العقل مطلوبات هذه القوة، وكان لابد أن يأتي لنا رسولٌ من طرف تلك القوة ليقول لنا مرادَها، وجاء الموكب الرسالي فجاءت الرسل ليبلغ كلُّ رسولٍ مرادَ الحق من الخلق، فقال كلُّ رسول: إن اسم القوة التي خلقتكم هو الله، وله مطلق التصرف في هذا الكون، ومراد الحق من الخلق تعمير هذا الكون في ضوء منهج عبادة الحق الذي خلق الإنسان والكون. وكل هذه الأمور ما كانت لتدرك بالعقل.
وهكذا نعلم أن منتهى حدود العقل هو إيمانٌ بقوةٍ خالقه وراءَ هذا الكون، وتستوي العقول الفطرية في هذه المسألة. أما اسم القوة والمنهج المطلوب لهذا الاله فلابد له من رسول.
وأرهق الفلاسفة أنفسهم في البحث عن هذه القوة ومرادها. وسموها مجال البحث الميتافيزيقا أي ماوراء الطبيعة وعادة ما يقابل الفلاسفة من يسألهم من أهل الإيمان: ومن الذين قال لكم إن وراء المادة قوة يجب أن تبحثوا عنها؟.
وغالبًا ما يقول الفيلسوف منهم: إنها الفطرة التي هدتني إلى ذلك. وتشعبت الفلسفة إلى مدارس كثيرة. وحاول أهل الفلسفة أن يتصوروا هذه القوة، وهذا هو الخلل؛ لأن الإنسان يمكنه أن يعقل وجود القوة الخالقة، ولا يمكن له أن يتصورها. وغرق الكثيرون من الفلاسفة في القلق النفسي المدمَّر. وأنقذ بعضهم نفسه بالإيمان. وكان يجب على كل فيلسوف أن يرهف أذنه ويسمع ما قاله الرسل ليحلّوا لنا هذا اللغز، بدلًا من إرهاق النفس بالخلط بين تعقل وجود قوة وراء المادة، وبين تصور هذه القوة.
وإنني في هذا الصدد أضرب هذا المثل وأرجو آلا تنسوه أبدًا: إننا إذا كنا قاعدين في حجرة، والحجرة مغلقة الأبواب. ودق الجرس وكلنا يجمع على أن طارقًا بالباب؛ وهذا الشيء المجمع عليه من الكل يَعدُّ تعقلًا، لكن أنستطيع أن نتصور من الطارق؟ رجل؟ امرأة؟ شاب؟ شيخ؟.
المؤكد أننا سنختلف في التصور وإن اتحدنا في التعقل.
ونقول للفلاسفة: أنتم أولى الناس بأن ترهفوا آذانكم لمجيء رسول يحل لكم لغز هذا الكون، واسم القوة التي وراء هذا الكون، ومطلوب هذه القوة منا.
والحق سبحانه وتعالى يهدينا إلى هذا عبر الرسل، ويقول هنا: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بني ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى شَهِدْنَآ...} [الأعراف: 172].
وهذه شهادة الفطرة، ونحن نرى أن الفطرة تكون موجودة في الطفل المولود الذي يبحث بفمه عن ثدي أمه حتى ولو كانت نائمة ويمسك الثدي ليرضع بالفطرة وبالغريزة، وهذه الفطرة هي التي تصون الإنسان منا في حاجات كثيرة، وفي رد فعل الانعكاسي؛ مثال ذلك حين تقرب أصبعك من عين طفل، فيغمض عينيه دون أن يعلمه أحد ذلك.
وقد أشهدنا الحق على وحدانيته ونحن في عالم الذر: {وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى شَهِدْنَا}.
ويقال أشهدته أي جعلته شاهدًا، والشهادة على النفس لَوْنٌ من الإقرار، والإقرار سيد الأدلة؛ لأنك حين تُشهد إنسانًا على غيره؛ فقد يغيّر الشاهد شهادته، ولكن الأمر هنا أن الخلق شهدوا على أنفسهم وأخذ الله عليهم عهد الفطرة خشية أن يقولوا يوم القيامة: {إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَافِلِينَ}.
فحين يأتي يوم الحساب، لا داعي أو يقولَن أحد إنني كنت غافلًا. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {مِنْ ظُهُورهِمْ}.
بدل من قوله: {مِن بَنِي آدَمَ} بإعادةِ الجارِّ، كقوله: {لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ} [الزخرف: 33] {لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} [الأعراف: 75] وهل هو بدلُ اشتمال أو بدلُ بعض من كل؟ قولان:
الأول لأبي البقاء، والثاني للزمخشري، وهو الظاهر كقولك: ضربتُ زيدًا ظهره وقطعتُه يده، لا يُعْرِب هذا أحد بدل اشتمالٍ، و{ذُرِّيَتَهُمْ} مفعول به.
وقرأ الكوفيون وابن كثير {ذُرِّيتهُمْ} بالإفراد، والباقون {ذُرِّيَّاتهم} بالجمع.
قال أبو حيان: ويحتمل في قراءة الجمع أن يكون مفعولُ {أخذ} محذوفًا لفهم المعنى و{ذُرِّيَّاتهم} بدلٌ من ضمير {ظُهُورِهِمْ} كما أنَّ {من ظُهُورِهِمْ} بدلٌ {من بَنِي آدَمَ} والمفعولُ المحذوفُ هو الميثاق كقوله: {وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 154]. قال: وتقديرُ الكلامِ: وإذ أخذ ربُّكَ من ظهور ذُرِّيات بني آدم ميثاق التوحيد لله، واستعارَ أن يكون أخذ الميثاق من الظهر كأن الميثاق لصعوبته والارتباط به شيءٌ ثقيلٌ يحمل على الظَّهْرِ. وكذلك قرأ الكوفيُّون وابن كثير في سورة يس، وفي الطُّورِ في الموضعين {ذُرِّيَّتَهُم} بالإفراد؛ وافقهم أبو عمرو على ما في يس، وناف وافقهم في أول الطور، وهي {ذُرِّيَّتَهُم بإيمانٍ} دون الثانية، وابن عامر على الجمع، وأبو عمرو ونافع جمعوا بين الأمرين.
قال أبو حيان في قراءة الإفراد في هذه السُّورةِ: ويتعيَّن أن يكون مفعولًا بـ {أخذ} وهو على حذف مضاف، أي: ميثاق ذريتهم.
يعني أنه لم يَجُزْ فيه ما جازَ في ذُرِّيَاتهم من أنَّه بدل، والمفعولُ محذوف وذلك واضحٌ؛ لأنَّ من قرأ: {ذُرِّيَّتَهُمْ} بالإفراد لم يَقْرَأهُ إلاَّ منصوبًا، ولو كان بدلًا من هُمْ في ظُهُورِهِمْ لكان مجرورً، بخلاف ذُرِّيَّاتهم بالجمع فإنَّ الكسرة تَصْلُح أن تكون علامة للجر وللنصب في جمع المُؤنَّثِ السَّالمِ.
قال الواحديُّ: الذرية تقع على الواحِدِ والجمع، فمنْ أفردَ فقد استغنى عن جمعه بوقوعه على الجمع كالبشر فإنه يقع على الواحد، كقوله: {مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف: 31] وعلى الجمع، كقوله: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن: 6] {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا} [إبراهيم: 10] فكما لم يجمع بشر جمع تصحيح، ولا تكسير كذلك لا يجمع الذريَّة.
ومن جمع قال: إنَّ الذرية وإن كان واحدًا فلا إشكال في جواز الجمع فيه، وإن كان جمعًا فجمعه حسن، لأنَّ الجموع المكسرة قد معت نحو: الطرقات والجدرات.
قوله: {وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى شَهِدْنَا}.
أمَّا على قولِ مَنْ أثْبَتَ الميثاق الأوَّل فكل هذه الأشياء محمولة على ظواهرها، وأمَّا من أنكره، قال: إنَّهَا محمولة على التَّمثيل، أي: أنه تعالى نصب لهم الأدلة على ربوبيته، وشهدت بها عقولهم، فصار ذلك جاريًا مجرى ما إذَا أشهدهم على أنفسهم، وقال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}.
وكأنهم قالوا بلى أنت ربُّنَا.
قوله: {بَلَى} جواب: {ألَسْتُ}.
قال ابنُ عبَّاس: لو قالوا نَعَمْ لكفروا، يريد أنَّ النَّفيَ إذا أجيب بنعم كان تصديقًا له، فكأنهم أقَرُّوا بأنه ليس بربهم، هكذا ينقلونه عن ابن عباس.
وفيه نظرٌ- إن صحَّ عنه- وذلك أن هذا النفي صار مُقرَّرًا، فكيف يكفرون بتصديق التقرير؟ وإنَّما المانعُ من جهةِ اللغة، وهو أنَّ النفيَ مطلقًا إذا قُصدَ إيجابه أجيب بـ {بَلَى} وإن كان مقررًا بسبب دخول الاستفهام عليه، وإنَّما كان ذلك تغليبًا لجانب اللفظ، ولا يجوز مراعاةُ جانب المعنى إلاَّ في شعر، كقوله: [الوافر]
ألَيْسَ اللَّيْلُ يَجْمَعُ أمَّ عَمْرٍو ** وإيَّانَا فَذاكَ بِنَا تَدَأنِي

نَعَمْ وأرَى الهلالَ كما تَرَاهُ ** ويَعْلُوهَا النَّهارُ كَمَا عَلانِي

فأجاب قوله ألَيْسَ بنَعَمْ، مراعاةً للمعنى؛ لأنه إيجاب.
قوله شَهِدْنا هذا من كلامِ اللَّهِ تعالى، وقيل: من كلام الملائكة، لأنهم لمَّا قالوا بَلَى، قال الله للملائكة: اشهدوا فقال: شهدنا، وعلى هذا القول يحسن الوقف على قوله: {قالوا بَلَى} لأن كلامَ الذرية قد انقطع هاهنا.
وقوله: {أنْ تقُولُوا} أي: لئلا تقولوا {إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَافِلِينَ} تقريره: أنَّ الملائكة قالوا شهدنا عليهم بالإقرارِ؛ يقولوا ما أقررنا، فأسقط كلمة لِئَلاَّ كقوله: {وألقى فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: 15]، أي: لئلاَّ تميد بكم.
قاله الكوفيون، وعند البصريين تقديره: شَهِدْنَا كراهة أن تقولوا.
وقيل: من كلام الله تعالى والملائكة.
وقيل: من كلام الذُّريَّةِ، وعلى هذا فقوله: {أَن تَقُولُواْ يَوْمَ القيامة إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَافِلِينَ} تقديره: وأشهدهم على نفسهم بكذا وكذا لئلاَّ يقولوا يوم القيامة: {إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَافِلِينَ} أو كراهية أن يقولوا ذلك.
قال الواحديُّ: وعلى هذا لا يحسن الوقفُ على قوله: {بَلَى} ولا يتعلَّقُ {أن تقوُلُوا} بـ {شَهِدْنَا} ولكن بقوله: {وأشهدَهُمْ} فلم يجز قطعه عنه.
قوله: {أنْ تقُولُوا} مفعولٌ من أجله، والعامِلُ فيه إمَّا {شَهِدْنَا} أي: شهدنا كراهة أن تقولوا.
هذا تأويل البصريين، وأما الكوفيون: فقاعدتهم تقدير لا النافية، أي: لئلاَّ تقولوا: كقوله: {وألقى فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: 15].
كما تقدم.
وقول القطامي: [الوافر]
رَأيْنَا مَا يَرَى البُصَرَاءُ فِيهَا ** فَآلَيْنَا عَلَيْهَا أنْ تُبَاعَا

أي: أن لا تُباع، وأما: {وأشهدَهُمْ} أي: وأشهدهم لئلا يقولوا أو كراهة أن يقولوا، وقد تقدم أن الواحدي قد قال إنّ شَهِدْنا إذا كان من قول الذُّريَّةِ يتعيَّنُ أن يتعلَّق أن تقولوا بـ {أشْهَدَهُمْ} كأنَّه رأى أن التركيب يصير: شَهِدْنَا أن تقولوا، سواءً قرئ بالغيبة أو الخطاب، والشَّاهدُون هم القائلون في المعنى، فكان ينبغي أن يكون التركيب: شهدنا أن نقول نحن، وهذا غيرُ لازم؛ لأنَّ المعنى: شهد بعضهم على بعض، فبعضُ الذرية قال شهدنا أان يقول البعضُ الآخر كذلك.
وذكر الجرجانيُّ عن بعضهم وجهًا آخر: وهو أن يكون قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ} إلى قوله: {قَالُوا بَلَى} تمام قصة الميثاق، ثم ابتدأ عزَّ وجلَّ خبرًا آخر بذكر ما يقوله المشركون يوم القيمة، فقال: {شَهِدْنَا} بمعنى: نشهد؛ كقوله الحطيئة: [الكامل]
شَهِدَ الحُطَيئَةُ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ

أي: يشهد، فيكون تأويله: يَشْهَدُ أن يقولوا.
وقرأ أبو عمرو: {يَقُولُوا} في الموضعين بالغيبةِ، جريًاعلى الأسماء المتقدمة، والباقون بالخطاب، وهذا واضحٌ على قولنا: إنّ شَهِدْنَا مُسْنَدٌ لضمير الله تعالى.
وقيل: على قراءة الغيبة يتعلَّق {أن يقولوا} بـ {أشهدهم}، ويكون {قالوا شِهِدْنَا} معترضًا بين الفعل وعلَّته، والخطابُ على الالتفات، فتكون الضَّمائر لشيء واحد. اهـ.